حياتنا حلم غافل
4 مشترك
:: الاقسام العامة :: :: القسم الاسلامي
صفحة 1 من اصل 1
حياتنا حلم غافل
نلاحظ عند كثير من المسلمين عندما يستمعون لكلمة الضلال يذهبون إلى معناً محدد وهو مقترف المعاصي من شارب خمر والزاني وآكل الربا ... لا شك ولا ريب أن هذا من الضلال. ولكن الضلال له أبعاد ومعاني كثيرة من أخطرها على الاطلاق: أن يسير الانسان وفق رؤيته الخاصة لمصلحته ولكن هذا الطريق الذي حدده للمصلحه يوصله للهلاك والخسران المبين.
فالله تعالى حذر من هذا النوع وأمر نبيه أن يقول للبشر "قل هل ننبأكم بالأخسرين أعمالاً () الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً()". كلام خطير جداً فالناس المعنيين ليسوا كسالى لا يعملون (ضل سعيهم) ولكن الرؤية للموعود الذي ينتظرونه اختاروا له الطريق الخطأ.
فلو مرض أحدنا مرضاً معيناً ووصف له الطبيب دواءاً معيناً جعل الله به الشفاء، فسترى المريض يسعى بماله ووقته ليشتري الدواء، وإن كان فقيراً تدين للاتيان بالدواء. ولكن عن أخذ الدواء ضل في طريقة أخذه فأتت النتيجة مغايرة تماماً. لقد حدد الهدف وهو الشفاء وأخلص النية في جلب الدواء ولكن ضل في طريقة أخذه مما أدى تلقائياً إلى تغير النتيجة. فلله المثل الأعلى.
فعمرنا محدود، وقصير جداً ونحن ذاهبون للموت شئنا أو أبينا، ولا يحتمل تجربة، فالذي يضل في طلب مصلحته وأهدافه فهو ضل الطريق وخسر خسراناً يندم عليه في يوم لا رجعة فيه.
وحتى لا يكون الكلام كلاماً نقول إذا ترك الإنسان وعد الله الخالق من أجل عُرف الناس أو من أجل توصيف الناس أو من أجل تجربة الناس أو من أجل ظن الناس في طبيعة الدنيا أنها دار جمع للمال ودار قضاء الشهوات ودار العزة ودار المقامات، فغلب على ظنه ذلك وشد الرحال لجمع ذلك فأصبح ضال الفكر وضال الطريق لبعده عن وعد الله في ذلك، فقد ضل وخسر وانتكس بل الأعجب أنه أفنى عمره وشاب شعره وتورمت قدماه وأهلك بدنه وصحته في تحصيل ضلاله. فهو يسير بعكس الفوز والنجاح.
قال تعالى: "يا ايها الناس اتقوا ربكم وخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور()" فالنتمعن في آخر الآية فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، نلاحظ أن الدنيا دار يغرر بها الانسان ويخدع ويفتتن ويحدث هذا أحياناً في الحلال إذا طغى فيه.
فالنفصل أكثر قال تعالى: "لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" وقال رسول الكريم: "ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه: ما نقص مال عبدٍ من صدقة وما ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزة، وما فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقره"
حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلام لا يحتاج لأن يقسم لكي نصدقه فهو لا ينطق عن الهوى، ولكنه أتيانه بالقسم هو لشحن الهمم والعمل لهذا الأمر والاتينا به بأسرع وقت، والتصديق يكون بالعمل. المال إن أنفقته في سبيل الله لا ينقص ولكن بحساباتنا وحواسنا ينقص، يكون معك مائة ريال فإن تصدقت بعشرة بقي معك 90، والظلم أيضاً وخاصة ان اتهم العبد بعرضه يكون مذلة وعار عليه ولكن كما أخبر المصطفى: ان صبر العبد يرفعه الله بهذه المظلمة، كما حدث مع أمنا عائشة رضي الله عنها عندما اتهمت بعرضها فأعزها الله بصبرها على ما اتهمت به، والثالثة لو ان الانسان ملك الدنيا بهذه المسألة لبقي الفقر في نفسه ولبقيت حياته يلاحقها هم الفقر. حسابات ضد واقع الدنيا التي تعودنا عليه.
وهذا حديثٌ آخر أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطى الله أحدا من عطاء أوسع من الصبر
الراوي:سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر:صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1644 خلاصة حكم المحدث:صحيح
فعدم سؤال المخلوق وهو العفة، يعفه الله ويقضي حاجته، ومن يستغني عن الناس أجمع ويلجأ إلى الله وحده يجعله الله غنياً ولو بعد حين، ومن استعفف واستغنى وجاء بلاء أشد فتصبر يصبره الله وهو أوسع وأجمل وأعز عطاء من الله لعبده فهو مفتاح كل خير في الدنيا والآخر "انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
وأختم بقصة سعد بن ابي وقاص عن عبدُ الملكِ بنُ عُميرٍ عن جابرِ بنِ سَمُرةَ قال : شَكا أهلُ الكوفةِ سَعدَ بن أبي وقاص إِلى عمرَ رضي الله عنه ، فعزَلَهُ واستعملَ عليهم عَمّاراً ، فشَكَوا حتى ذَكروا أَنّهُ لا يُحسِنُ يُصلّي ، فأَرسلَ إِليه فقال : يا أبا إسحاق ! إنّ هَؤلاء يَزعُمونَ أَنّكَ لا تُحسِنُ تُصلّي ! قال أبو إِسحاق ( سعد ) : أمّا أنا واللهِ فإني كنتُ أُصلي بـهم صلاةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما أخرِمُ عنها ، أُصلّي صلاةَ العِشاءِ فأَركُدُ في الأُولَيَيْنِ ، وَأُخِفّ في الأُخرَيَينِ . قال : ذاكَ الظنّ بكَ يا أبا إِسحاقَ ، فأَرسلَ معه رجُلاً – أو رجالاً – إلى الكوفةِ فسألَ عنه أهلَ الكوفةِ ، ولم يَدَعْ مسجداً إِلاّ سـألَ عنه ، وَيُثنونَ مَعروفاً ، حتى دخلَ مسجداً لِبني عبسٍ ، فقامَ رجلٌ منهم يُقالُ له : أُسامةُ بنُ قَتادةَ ، يُكْنىَ أَبا سَعدةَ قال : أمّا إِذ نَشَدْتَنا ! فإِنّ سَعداً كان لا يَسيرُ بالسرِيّةِ ، ولا يَقسِمُ بالسّوِيّة ، ولا يَعدِلُ في القَضيّة .
قال سعدٌ : أَما وَاللهِ لأدْعوَنّ بثَلاثٍ : اللّهمّ إِن كان عبدُكَ هذا كاذباً قامَ رِياءً وَسُمعةً ، فأَطِلْ عمرَهُ ، وَأَطِلْ فَقرَهُ ، وَعَرّضْهُ للفِتَنِ ، وكان بَعدُ إِذا سُئلَ يقول: شَيخٌ كبيرٌ مَفتون أصابَتْني دَعوةُ سعد . قال عبدُ الملكِ بن عمير : فأنا رأيتُه بعدُ قد سَقطَ حاجِباهُ عَلَى عَينيهِ منَ الكِبَرِ ، وإِنه ليَتعرّضُ للجواري في الطّرقِ يغمزهُنّ .
وفي رواية : فما مـات حتى عميَ ، فكان يلتمس الجدران ، وافتقر حتى سأل ، وأدرك فتنة المختار فقُتِلَ فيها . رواه البخاري ومسلم مختصراً
سيدنا سعد اثنى عليه أهل الكوفة كافة ما عدا هذا الرجل فهو يستطيع تكذيبه وتسفيهه ومعاقبته بقذفه، ولكنه دعا وصبر.
الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذكر الله فنحن نمشي بها كأننا مُهملون، إنما نحن مُمهلون، لا شيء باق على هذه المعمورة فكله ذاهب ونصبح كما امسينا حياتنا حلمُ غافل، غفل عما وجب فعله فنحن بهدفٍ زائل، فلو نطقت الأرض التي نمشي عليها لقالت: يابن آدم اين أنت ذاهب؟؟ فإنما أرضي سراب آفل، ولو بقيت على حالها لبقي النبي المجاهد، فلم تدم لبشر من قبله فكيف بعبد ساهٍ، ظن الخلود بحياته حقيقةً فويل له من عذاب آتٍ.
ان أصبت فمن الله وأن أخطأت فمن نفسي
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين
رد: حياتنا حلم غافل
مشكووور اخي الكريم
sakomora- الجنس :
عدد المشاركات : 151
تاريخ الانصمـآم : 29/10/2011
العمر : 32
الموقع : في قلب حياتي orbet
رد: حياتنا حلم غافل
شكرا لك يا اخت الكريمة
$00عبودي00$- الجنس :
عدد المشاركات : 385
تاريخ الانصمـآم : 15/09/2011
مواضيع مماثلة
» ** تذكر يا غافل .. فضل صلاة النوافل ..
» الى كل غافل شغل في دنيــــاه ونسي المـــــــوت
» قمم في حياتنا
» لماذا نخسر اشخاصا نريدهم في حياتنا..؟؟
» الى كل غافل شغل في دنيــــاه ونسي المـــــــوت
» قمم في حياتنا
» لماذا نخسر اشخاصا نريدهم في حياتنا..؟؟
:: الاقسام العامة :: :: القسم الاسلامي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى